كيف تدير منصات التواصل الاجتماعي؟
في أولى خطوات البدء بأعمالنا الخاصة أو الحرة، نفتح حسابات لمشروعنا على منصات التواصل الاجتماعي للإعلان عن المشروع والترويج له وقد نستخدم هذه المنصات للترويج لأنفسنا شخصيًا لذا من المهم معرفة كيف يمكننا إدارة هذه المنصات ومعرفة المحتوى المناسب لكل منصة وكيف تختلف هذه المنصات عن بعضها، وما دورها في صناعة هويتنا الرقمية؟
لكل شخص على هذه المنصات أهدافه الخاصة بالتواجد عليها وهذه الأهداف إما تكون شخصية أو مهنية أو تعليمية، فمنهم من يشارك قصصه حول حياته أو عمله أو مغامراته، ومنهم من يبني حساباته لتكون عملًا ومصدرًا للدخل له، وكل محتوى مقدّم يختلف بناءً على اختلاف الهدف المحدد.
الإدارة هي مجموعة عمليات التخطيط والتنسيق والرقابة والتوجيه، من أجل تحقيق الأهداف المتفق عليها باستخدام أمثل الوسائل وفق منهج محدد، وعليه فإن منصات التواصل كغيرها من الأعمال بحاجة للإدارة لتحقيق الأهداف، ولا إدارة من غير أهداف، لذا:
-
- حدد الهدف من تواجدك على منصات التواصل أولًا
- حدد جمهورك المستهدف
- حدد القنوات التي تتواجد عليها بناءً على جمهورك
حتى تحدد القناة التي تريد التواجد عليها، يجب معرفة دور كل منصة وبماذا تختلف عن غيرها، فلو اتخذت الشباب من 18-24 كجمهور مستهدف، فلا يمكنك إيجادهم على لينكدان مثلًا لأنها منصة احترافية مهنية، لتشارك الانجازات المهنية وللبحث عن العمل وتوسعة العلاقات المهنية مع الأشخاص التي تتشارك معهم بالاهتمامات وضمن مجال عملك.
فيسبوك مثلًا منصة اجتماعية، تعرف بها أخبار أقربائك أو أصدقائك، وتعرف عن ظروفهم الاجتماعية المتغيرة، كالزواج والوفيات والمواليد، فيسبوك يعد مجتمع مصغر يجمع لك المقربون منك في مكان واحد لتتواصل معهم اجتماعيًا حتى لو كنتم بعيدون عن بعضكم، ولكن المجموعات فيها تعد نقطة قوة، حيث تجمع بين الناس المهتمين بموضوع معين في مكان واحد، فتجد مجموعة للتعلم عن بعد، ومجموعة لتبادل الخبرات بين مهندسي البرمجيات، فلو كنت تعمل في هذا المجال فبسهولة تستطيع إيجاد جمهورك المستهدف وتروّج خدماتك لديهم.
وعلى ذلك قس، فكل منصة لها جمهور يرتادها ولها محتوى يكتب بها يختلف عن محتوى المنصة الأخرى فيجب ملاءمة محتواك مع المنصة ومع طبيعة الجمهور، كي تحقق أهدافك المرجوة.
ما هي أهداف التواجد على منصات التواصل؟
كما أسلفنا الأهداف تختلف باختلاف العمل، ويمكننا حصر هذه الأهداف ضمن المجموعات الأربع والواردة في الصورة:
الإلهام: المساعدة في إلهام الغير، وتقديم النصح لهم في حياتهم لتحسين جودة حياتهم أكثر ولتساهم في نشر بيئة إيجابية في مجتمعك ومن حولك.
التسلية: ينشغل الناس بهموم كثيرة في حياتهم الواقعية، لذا يلجأون لمنصات التواصل للترفيه عن أنفسهم، فيمكنك أخذ موقعك في تقديم محتوى مسلي ومفيد في ذات الوقت بعيد عن التفاهة وسفاسف الأمور.
التعليم: الكثير من الناس لديهم وقت فراغ كبير، ولا يحسنون استغلاله ويستمرون في تصفح هواتفهم منذ استيقاظهم حتى عودتهم للنوم في الليل، لذا تستطيع استغلال هذا الوقت بالعمل على محتوى تعليمي يستفيد منه هؤلاء سعيًا لتجويد المحتوى المقدّم ومحاربة للمحتوى السخيف المنتشر.
الإقناع: وهذا المحتوى تقدمه الشركات التي لديها منتجات وتريد بيعها، فتسعى للترويج والتسويق لمنتجاتها وحث الناس على الشراء، وهذه المنتجات قد تكون دروسًا في الإنجليزية أو البرمجة، أو منتجات للعناية بالبشرة أو استخدام لتطبيق معين.
ومن أساليب الإقناع المتبعة، استخدام المحتوى المنشأ من قبل مستخدمي المنتج (user generated content) للترويج لمنتجاتك، لأن هذا المحتوى صادق وحقيقي لأنه غير مدفوع ونشره المستخدم بدافع ذاتي منه ليشارك الفائدة.
وطبعًا يمكن الخلط بين هذه الأهداف، فبتدأ محتواك بالإلهام ثم تنتج منتجًا وتستخدم شهرتك في الإقناع بالشراء وهكذا.
ماذا تحتاج لتكون قادر على إدارة منصات السوشال ميديا؟
-
- وعي بالسوشال ميديا وقنواتها وخوارزمياتها وكيفية قياس الأداء.
- يجب بناء وعي متكامل حول السوشال ميديا وقنواتها وما المحتوى الأنسب لكل قناة وكيف تعمل خوارزميات كل قناة لتعرف ما الأفضل تقديمه عبرها مما يساعدك في بناء خطة محكمة للوصول إلى أهدافك.
- الخبرة في التسويق والهوية المؤسسية.
- المعرفة ولو القليلة في التسويق وبناء الهوية المؤسسية التجارية لبناء وعي لدى الجمهور بوجودك ووجود خدماتك من أهم ما يبدأ به صاحب المحتوى، ليقدّم محتوى يصل للجمهور بفعالية.
- التركيز: البيئة في السوشال ميديا كما هي مجتمعاتنا الحقيقية، والخطأ صعب النسيان أكثر من الحقيقة لأنه قابل للحفظ والاستنساخ، مثل طريقة الرد أو وضع معلومة خاطئة وحتى الأخطاء الإملائية والمطبعية، لذا يجب التركيز لعدم الوقوع في الخطأ والرد كما يجب للمحافظة على صورة المؤسسة، فاعرف لمن تعمل وما اللغة المستخدمة في خطابهم مع الجمهور والفكرة التي يريدون ايصالها.
- النضج العاطفي: لماذا نتحدث عن النضج العاطفي في إدارة السوشال ميديا؟
لأن صفحاتنا مرآة لما نشعر به، فيجب عليك ضبط انفعالاتك إذا رأيت أحدهم يكتب لك تعليقًا سلبيًا وقراءته من منظور الكاتب وليس من منظورك، وألا تعده هجومًا شخصيًا فترد بطريقة تخسرك عميلًا محتملًا.
-
- الدقة والوضوح والمهنية: لا تصعّب الأمر على عميلك، لا تدعه يسأل الكثير من الأسئلة، اجعل كل شيء واضحًا ما له وما عليه، ترتاح ويرتاح وتكسبه عميلًا وفيًا دائمًا.
- معرفة كيفية استقطاب الفئة المستهدفة: استقطاب الفئة المستهدفة يعد علمًا بحد ذاته إذ يتطلب منك فهم هذه الشريحة جيدًا ووضع نفسك مكانها في كل مرة تكتب أو تصور أو تقدّم محتوىً.
- حس المسؤولية: تحمّل أخطاءك، ولا ترمِ بها على الآخرين، حين يخطئ موظف لديك في حق العميل أو المتابع، فيجب الاعتذار وقبول الخطأ والعمل على عدم تكراره أبدًا.
من أتابع على السوشال ميديا؟
كل من نتابعه على منصات التواصل الاجتماعي، وكل محتوى نستهلكه يوميًا يعد مدخلات تدخل إلى عقولنا وتأثر بنا، وبقراراتنا وأفكارنا، فاللون والصورة لهما تأثير كبير على الشخص، وقد تؤثر صورة واحدة بنا وبأفكارنا ما لا يحدثه كتاب، لذا يجب تكون وعي كامل عن المحتوى المستهلك يوميًا ومعرفة آثاره النفسية علينا والتفكير ببعد بهذا الآثار كيلا نقع ضحية للأفكار المسمومة المروّج لها عالميًا، فعقولنا أحيانًا تكون كالاسفنجة التي تمتص كل ما تتعرض له، وفجأة نجد أنفسنا مختلفين ولدينا أفكارًا نظنها من بنات أفكارنا ولكنها فعليًا زرعت في عقولنا بغير وعي منا.
كيف أتابع التفاعل وأطور المحتوى؟
أجب عن هذه الأسئلة في كل يوم تتصفح فيه منصات التواصل الاجتماعي:
-
- ماذا يقولون؟
- من سمع به؟
- حجم الأشخاص الذين يتحدثون بالموضوع؟
- هل هو جيد أم لا؟
عندما تجيب على هذه الأسئلة، تساعد نفسك بإنشاء محتوى قريب للجمهور الذي تستهدفه، وتكسب تفاعله معك وتساهم في تقديم المحتوى المفيد والتأثير بأفكار سليمة على الآخرين.
لماذا السوشال ميديا فرصة لصانع المحتوى؟
-
- توفر سرعة انتشار واسعة، وهذا يعد تحدٍ وفرصة في ذات الوقت إذ يمكنك الاستفادة من سرعة الانتشار إذا صممت إعلانًا جذابًا ومفيدًا، وقد تكون ضحية إذا كان صُمم إعلانك وكان به خطأ ما بغض النظرعن نوع هذا الخطأ، لذا يجب الحذر الشديد عن استخدام التمويل للإعلانات وتمريرها بعدة مراحل للتأكد من جودتها وخلوها من أية أخطاء.
- مصدر مفتوح للتعلم والنشر، يمكنك استقطاب جماهير خارج حدود توقعاتك
- وصول أسهل لآراء المتابعين، مما يسهل عليك تعديل الخدمة أو تصحيح ما تقدّمه.
ما المهم في بناء الهوية الرقمية؟
الهوية الرقمية هي رسم صورة توضح فيها من أنت، وما مهنتك، وما اختصاصك ومجال خبرتك. حيث تعرف في العالم الرقمي بمهاراتك التي تتقنها والمحتوى الذي تقدمه، ويُقال اليوم أن سيرتك الذاتية الحديثة هي المحتوى المستهلك بحساباتك على منصات التواصل الاجتماعي.
وظهر مصطلح جديد في عالم التوظيف التقني اسمه "التدقيق الإلكتروني"، ومعناه بحث الشركة على حسابات المتقدمين للوظائف لديها لترى المحتوى المقدّم والاهتمامات والمحتوى المستهلكة لكل متقدّم وبناءً على المعلومات الصادرة عن البحث تفاضل بين المتقدمين.
لذا من المهم جدًا الفحص الدوري للمحتوى الذي تستهلكه، وتنظيمه ومتابعة الحسابات التي تضيف لك ما يفيدك في عملك ومهنتك وهويتك الرقمية. وإذا هممت بالبدء في العمل الحر، فأبدأ صناعة هويتك الرقمية، واعرف كل ما يلزم حول منصات التواصل الاجتماعي لئلا تكون عرضة للوقوع في الخطأ وكن جاهزًا دائمًا لتخطي العقبات وتجاوز التحديات، واعلم أن السوشال ميديا سلاح ذو حدين، فاقتل بها جهلك ولا تدعها تقتل وقتك وجهدك.
كتابة وتحرير: لمى محمد
أفكار ومحتوى: أبرار مكّاوي